بقلم يحيى المحطوري
ـــــــــــــ
الآن أصبح وضعنا وضعاً رهيباً جداً، ومؤسفاً جداً، الآن ليس هناك رؤية في الساحة، ليس هناك موقفاً في الساحة للعرب، هاهم مستسلمون الآن، ونرى مع الأيام كل مرة إنجازا لأمريكا وإسرائيل في سياستهما، كل مرة إنجاز، كل مرة يسوقون العرب إلى تنازلات، إلى تقديم استسلام أكثر وأشياء من هذه، وبقيت الأمة كلها مستسلمة، هل هذا موقف حكيم؟. ليس موقفاً حكيماً، بل الرجل العادي من الناس يقول: ماذا دهى العرب ؟!
فقرة من محاضرة الثقافة القرآنية في أغسطس ٢٠٠٢م، زفرة من زفرات ألم الشهيد القائد حسين بدر الدين على أمته، وصرخة تحذير أطلقها قرين القرآن، وهو يستنكر استسلام العرب لحماقة المواقف الضعيفة في مواجهة إسرائيل العدو التاريخي لهم.
لم يكن يعلم ذلك الرجل العظيم ما ستحدثه نداءاته من صحوة يمنية ليس لها مثيل في كل الشعوب العربية، وأن دروسه الخالدة ستصنع أمواج وعي متصاعدة متجددة لن تتوقف حتى تعصف بمؤامرات الأعداء وتسحق تضليلهم.
وأمام المواجهة المباشرة مع الطاغية الأمريكي ترامب، وأمام إنجازات إسرائيل في ضرب القضية الفلسطينية، تقف الشعوب العربية صامتة خانعة تائهة عاجزة حتى عن رفع صوتها أو التلويح والإعلان لرفضها لكل ما يحصل، وأصبحت أكثر انسحاقا وضلالا وضياعا.
وتقف الأنظمة أيضا موقف المتعاون مع العدو المتآمر على أمته، وأصبح الشجب والتنديد الذي كنا نسمعه سابقا، مجرد أمنية لم نعد نسمعها أبدا.
وحده اليمن المستيقظ شعبا وجيشا ودولة، يقف في الجبهة المتقدمة مدافعا عن قضايا أمته ودينه ومقدساته، حاملا لواء الجهاد والبذل والعطاء رغم الجراح الغائرة والتضحيات الكبيرة.
ورغم ضراوة عدوان الأعراب ومحاولاتهم المستميتة وأد الصحوة الإسلامية المنبعثة من يمن الإيمان والحكمة، إلا أنهم فشلوا في تكميم فم الثورة القرآنية الصارخة في وجه طغاة الاستكبار، المستنهضة لبقية الشعوب للخروج من حالة الذلة والتيه والصغار.
وكأمة واحدة راسخة اليقين عالية الوعي حكيمة الموقف، يسير الشعب اليمني خلف قيادته الحكيمة لخوض غمرات الصراع الحتمي، مستلهما من المشروع القرآني الفريد الحلول الناجحة والخطط الحكيمة والرؤى العظيمة لمواجهة طواغيت العصر من اليهود ومن صهاينة العرب.
ورغم حجم المعاناة وشراسة الحرب، إلا أنها كانت ضرورة دفاعية وخطوة استباقية، لا مجال لمقارنتها مع المصير المخزي الذي ستلاقيه الشعوب الساكتة والغافلة، والأنظمة المتواطئة والعميلة، حيث ينتظرهم الهلاك تحت أقدام أعدائهم والخزي والعار في الدنيا والآخرة.
والحمد لله على نعمة الجهاد، ونعمة البصيرة، ولا عزاء للمتذاكين من ضحايا جهلهم وغفلتهم الذين ستطحنهم رحى الأحداث على هامش الصراع الحتمي المفروض على الأمة، ولن يفيدهم الهروب ولن ينجيهم التنصل عن المسؤولية، ولن يجدوا لهم من بطش أعدائهم ملجأ ولا مجيرا، ولن يجدوا لهم من دون الله وليا ولا نصيرا والعاقبة للمتقين.