الدكتور ياسر الحوري – أمين سر المجلس السياسي الأعلى
نتداول في ثقافة مجتمعنا العربي أن السياسيين بلا مشاعر أو أحاسيس تحركهم المصلحة والأجندة السياسية والتكتيكات المرحلية، فقيدنا الأديب الإنسان الشاعر الوطني الدكتور أحمد النهمي كان استثنائيا وأثبت أن السياسي ليس بكل هذا القبح وأن السياسي الذي يحمل مبدأ ويناضل من أجل الوطن هو شاعر مليء بالأحاسيس والهواجس تنحني له الكلمات وهو مثل صائغ الذهب يشكلها في أجمل الصور ليعبر بها عن قضاياه السياسية ومواقفه الشامخة في حب الوطن والأمة والدفاع عنها.
من الحب والغزل العفيف إلى القيم، ومن فلسطين وبغداد إلى صنعاء ومواجهة العدوان تنقل بين حنايا الكلمة الشريفة وأحضان الإبداع اللغوي المبين كان الدكتور أحمد النهمي يوظف القصيد، فلا قصيدة ينهيها بلا هدف ولا قضية تؤرقه دون أن يخضعها لقواعد شعره الفصيح والمنثور.
وحين يزمجر بشعره يصوغ ملاحمه فتشرئب الأعناق وتشنف الآذان لهذا الخطيب الشاعر السياسي المفوه، النادر في أقرانه والمتميز بين إخوانه في السياسة والشعر على السواء فلم تكن مسيرته الشعرية إلا مكملا لنضالاته السياسية وقناعاته التي مثل فيها الدكتور محمد عبد الملك المتوكل البوصلة والنموذج.
لم تفقده أحزاب اللقاء المشترك الصامدة في عرين الوطن فقط ولم يفقده حزب اتحاد القوى الشعبية الذي رأس أمانته العامة المصغرة فحسب ولم تفقده جامعة ذمار وطلابها لوحدهم أو مجلس الشورى الذي عين فيه مؤخرا بل فقده الوطن كل الوطن يشهد بذلك كل من عرف دماثة أخلاقه ورجاحة عقله وحسن محياه ومماته.
عزاؤنا أن لهذا الشاعر والسياسي بصمته في الحياة العامة بالذات في معبر وذمار ودهاليز السياسة التي كان يطوعها لما حظي به من إبداع لا شك سينبت من جديد وسنراه يتكرر من خلال زملائه وإخوانه وأبنائه وطلابه ورواده ومحبيه الذين نسأل الله أن يعصم قلوبهم كما نسال الله له ولوالده الفردوس الأعلى.