زيد الغرسي
ارتضت دويلة الإمارات أن تكون مطية لتنفيذ المشاريع الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة، فكان لها الدور في السعي لفصل إقليم كردستان عن العراق، ولها الحضور الكبير في الحرب التي تشهدها ليبيا، وفي اليمن تتحرك بنفس السيناريو في تلك البلدان لنفس الأهداف حيث برز حضورها في المحافظات الجنوبية والشرقية المحتلة، كما أنها تتصدر المشهد في بناء القواعد العسكرية في جزر اليمن وسعيها المستمر لتشكيل مليشيات تابعة لها في كل المحافظات المحتلة.
كل ما تقوم بهذه الدويلة في اليمن والمنطقة يؤكد أن مثلها لا يمكن أن تقوم بهذا الدور لولا وجود الدعم والتخطيط الأمريكي والمباركة الاسرائيلية المعلنة.
المهرة حلبة صراع عمانية إماراتية..
تشهد محافظة المهرة توترا غير مسبوق بعد توجيهات دول العدوان بتسليم ميناء ومطار الغيضة لقوات المنطقة العسكرية الثانية التي وصل بعض جنودها قادمين من حضرموت إلى الغيضة خلال اليومين الماضيين، وسط رفض قائد اللواء 137 مدرع والسلطات المحلية مسنودة بأبناء القبائل التي انتشرت في محيط الغيضة ومطارها وميناءها لمنع دخول هذه القوات التابعة لهادي، ليتدخل هادي مؤكداً أن هذه القوات ستعمل تحت إمرة محافظ المهرة ومدير أمنها.
هذه الأحداث جاءت بعد زيارة عيدروس الزبيدي رئيس ما يسمى بالمجلس الانتقالي للمحافظة أواخر الشهر الماضي، والتي أعلن فيها عن إنشاء قوات النخبة المهرية على غرار قوات النخبة الشبوانية والحضرمية التي أنشأتها الإمارات في شبوة وحضرموت للسيطرة على تلك المحافظات، وقوبل هذا الإعلان بالرفض من السلطان عبدالله عيسى عفرار الذي أكد عدم حاجة المحافظة لقوات نخبة مهرية، وعارض إنشاء فرع للمجلس الانتقالي في المحافظة.
ظلت محافظة المهرة بعيدا عن الصراعات منذ بداية العدوان على اليمن، ولا يوجد فيها “متمردون” أو “انقلابيون” حسب زعم دول العدوان، بل تخضع المحافظة لحكم ما تسمى الشرعية، فلماذا إصرار الإمارات على الدخول للمحافظة ونشر مليشياتها التابعة لها؟ وما أهداف وأطماع دول العدوان في المهرة؟
هناك أهداف داخلية وخارجية، فالداخلية منها تسعى دول الاحتلال الإماراتي السعودي لاستكمال احتلال جنوب اليمن بعد احتلاله لأغلب المحافظات الجنوبية والشرقية ونهب ثرواتها وخيراتها، كما أنها تسعى لنقل الفوضى الأمنية للمحافظة ضمن مشروع إدخال اليمن في الفوضى الخلاقة من خلال خلق صراعات وحروب أهلية وتدميرية بنفس النموذج الذي تعمله الآن في عدن وبقية المحافظات الجنوبية المحتلة، لتمرير أطماعها في احتلال موقع اليمن الجغرافي الهام.
وإلا إذا كان العدوان على اليمن لأجل إعادة الشرعية كما يزعمون.. فهذه المحافظة تحت حكم الشرعية، فما الداعي لدخولها وتشكيل مليشيات فيها؟
أما الأهداف الخارجية فتتمثل في التالي:
– السيطرة على موقع المهرة الاستراتيجي حيث تطل على البحر العربي وتمتلك مينائين، ميناء نشطون، وميناء خلفوت الذي يتم بناؤه حديثا، كما أنها تعتبر البوابة الشرقية اليمنية إلى الخليج ولها منفذين يربطان اليمن بدول الخليج (صرفيت، شحن)، وتدر ملايين الدولارات لخزينة الدولة اليمنية.
– استكمال سيطرة دول العدوان ومن خلفهم الولايات المتحدة الأمريكية على البحر العربي في سياق الصراع مع إيران المشرفة على مضيق هرمز، وهذا ما يفسر اهتمام الإمارات بشكل كبير على جنوب اليمن وشرقه واحتلالها لجزيرة سقطرى ومحافظة حضرموت وشبوة.
– تهديد الأمن والاستقرار لدولة عمان في سياق الصراع بين عمان من جهة والإمارات والسعودية من جهة أخرى كون الصراع قديم جديد تمثل في صراع جغرافي على الحدود بين الإمارات وعمان وصراع سياسي مع السعودية التي ترى في الدور العماني دورا بارزا يتجاوزها في ملفات المنطقة كدورها في الملف اليمني التي رفضت الدخول في التحالف ضد اليمن وسعت لأن تكون وسيطا بين جميع الأطراف أو الدور المتصاعد لها في بعض الملفات على مستوى العالم منها دورها في توقيع الاتفاق النووي بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية وقد برز الخلاف بينهما للسطح في أوقات وملفات متعدة داخل مجلس التعاون الخليجي أو خارجه، ويأتي اتخاذ المهرة كقاعدة انطلاق للصراع مع عمان بعد فشل أبوظبي بمحاولة الانقلاب على قابوس بن سلطان عام 2011م وفشل السعودية ايضا في محاولة انقلاب جديدة العام الماضي كما ذكرت بعض الأنباء.
لذلك ترى عمان أن تحركات الإمارات والسعودية على حدودها في اليمن يهدد أمنها الاستراتيجي، وردا على ذلك تحركت عمان لقطع الطريق أمام هذه المخاوف بعدة خطوات منها تجنيس سلطان المهرة عبدالله عيسى عفرور وحيدر أبوبكر العطاس، وستين شخصية من أسرتيهما بالإضافة إلى إنشاء قنوات تواصل بينها وبين بعض مشائخ المهرة وحضرموت وتسهيل إجراءات دخول مواطني المهرة إلى عمان بالإضافة إلى نشرها مؤخرا قوات عسكرية على حدودها مع المهرة بينما تسعى الإمارات للتوغل في المحافظة عبر منظمات إنسانية واستقطاب بعض المشائخ، وأنشأت معسكرا في الغيضة لتدريب أبناء المحافظة وتجنيدهم لصالحها.
ووفقا للمعطيات الميدانية وحالة الاحتقان الموجودة في المحافظة سيتصاعد الصراع العماني الإماراتي السعودي في المهرة، وستدخل المحافظة دوامة العنف كبقية المحافظات الجنوبية المحتلة، فبعد أن كانت الأخبار من المهرة منقطعة سنسمع مستقبلا أخبار التفجيرات والاغتيالات والصراعات كما نسمعها اليوم من عدن وحضرموت وشبوة.
تقسيم حضرموت
بعد استكمال سيطرتها على جنوب وشرق اليمن من عدن إلى سقطرى وصولا إلى حضرموت وشبوة، تسعى دول العدوان حاليا لتقسيم حضرموت إلى محافظتين في سياق تقسيم اليمن إلى كنتونات صغيرة متناحرة.
جاء هذا الإعلان خلال زيارة علي محسن الأحمر لوداي حضرموت الشهر الماضي التي التقى فيها قيادات عسكرية ومشائخ ووجهاء الوادي.
مخطط تقسيم حضرموت تسعى السعودية من خلاله لتفكيك المحافظة ليسهل ابتلاعها وضمها لها وفق أطماعها المعروفة منذ عشرات السنوات بجعل هذه المحافظة ممرا بريا تنفذ من خلاله لبحر العرب عبر القناة البحرية التي تربط الخليج العربي ببحر العرب، والتي أطلق عليها اسم “قناة سلمان”، لتتمكن من تصدير نفطها بدلا من مضيق هرمز الذي تسيطر عليه إيران.
هذه الخطوة تأتي بعد نهب السعودية 42 ألف كيلومتر من أراضي حضرموت، بداية من معسكر الخراخير إلى مثلث الشيبة بالحدود مع عمان خلال الأيام الماضية ..
مديرية المخا
وفي غرب اليمن تسعى دولة الإمارات لفصل مديريات الساحل والمخا التابعة لتعز وإعلانها محافظة مستقلة بمجلس انتقالي تابع لها، وتحدثت المصادر عن دفع الإمارات لشخصيات من داخل المخا لتشكيل مجلس انتقالي مصغر يمهد لإعلان هذه المحافظة.
كل هذه التحركات لدول العدوان السعودي الإماراتي ومن خلفهم الأمريكي، واحتلالهم للمحافظات الجنوبية والشرقية وجزر سقطرى وميون وحنيش وباب المندب، وكل الموانئ والمطارات وحقول النفط والغاز، والسعي لتقسيم اليمن، تؤكد حقيقة أهداف العدوان على اليمن في السيطرة على الموقع الجغرافي اليمني الاستراتيجي خدمة للمشاريع الأمريكية الإسرائيلية في المنطقة. وكما فشل مشروعهم في تقسيم العراق سيفشل في اليمن بإذن الله .