عندما يتدثر النظام السعودي المجرم بثوب الإنسانية أضيف في

اسماعيل المحاقري

خلصت دراسات علمية إلى أن البشر يكونون أكثر سعادة عندما يساعدون غيرهم منها، عندما يساعدون أنفسهم، نتيجة لا جدال فيها، ولا غبار عليها كونها تنسجم تماما مع الفطرة الإنسانية السوية وتجسد الإيمان الراسخ بتعاليم الدين المحمدي ومبادئه السمحة.
فالمسلم الحقيقي هو من سلم الناس لسانه وماله ويده والأمر قطعا لا ينطبق على النظام السعودي الذي أثار الفتنة، وأشعل الحروب وموّل النزاعات والصراعات الداخلية في مختلف البلدان العربية، وإنْ كلّف على نفسه حملة دعائية مضللة تحمل عناوين إنسانية أملا في تبييض صفحته وتبرئة ساحته من عمليات القتل والتدمير الممنهج التي يرتكبها خارج القانون الدولي.
على مدى ثلاثة أعوام وبعد أن غرقت السعودية في جرائم واسعة النطاق وانتهاكات لا تسقط بالتقادم في اليمن دشن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز في منتدى حقوقي بالرياض ما يسمى بـ”منصة المساعدات الإنسانية السعودية”، تحت عنوان “العمل الإنساني مسؤولية دولية”، وذلك بالشراكة مع الأمم المتحدة وبمشاركة وزير الطوارئ الروسي ووزيران من إيطاليا ورئيس منظمة الأغذية العالمية ورئيس منظمة الصحة العالمية ومسؤولون في الأمم المتحدة.
وبطبيعته المتغطرسة ومن منطلق بالمال “تُشترى المواقف والذمم” لم يفوّت النظام السعودي فرصة في هذا المنتدى الدعائي لاستضافة الأمين العام للأمم المتحدة أونطونيو غوتيرس ليمتدح إنسانيته الزائفة ويُلقي على الملأ شهادة مدفوعة الثمن تكشف الدور السلبي لهذه الجميعة ومعاييرها، إذ عبّر عن شكره للمملكة مثمنا جهودها في العمل الإغاثي.
ونظرا للأولويات الأمريكية والسياسة العوراء للأمم المتحدة من البديهي أن يتجاهل الأمين العام للأمم المتحدة توضيح مسببات الأزمة الإنسانية الكارثية في اليمن، وحث السعودية على وقف عدوانها على الشعب اليمني، لكن خطوة كهذه من شأنها أن تعمق المأزق السعودي وتضعف منطقه وحجته وتجعل من محاولاته المبتذلة للتغطية على انتهاكاته وتجاوزاته فضائح تتردد على كل لسان.
تركة كبيرة من الإجرام وتاريخ أسود لا يتغير أو يتبدل وحِمل ثقيل بات النظام السعودي يشعر به مع تصدع الصورة النمطية التي دأب على الادعاء بها حول مساعداته الإنسانية في العالم وجهوده الحثيثة في الأعمال الإغاثية للشعب اليمني.
فبموازاة جرائم التدمير والتجويع والقتل بحق النساء والأطفال والتي لم تعد تخفيها، بل أصبحت ترتكبها على العلن، متحديةً العالم أجمع، يفرض تحالف العدوان السعودي الأمريكي حصارا خانقا على ميناء الحديدة والصليف وبالتالي قطع خط الإمداد الرئيسي للمواد الغذائية والمساعدات الإنسانية لحوالي أكثر من 20 مليون مواطن يمني يعيشون أسوأ كارثة إنسانية في العالم بشهادة الأمم المتحدة.
تقارير عدة تدين السعودية وحقائق مشهودة ودامغة تدل على أفعالها الشنيعة داخل أراضيها وخارجها فضلاً عن الاعترافات الصادرة عنها بممارسات تلزم إجلاسها على كرسي المتّهم أمام محكمة جرائم الحرب الدولية.
ويظل ملف النظام السعودي ممتلئ بالجرائم ضد الإنسانية التي لا حصر لها ضمن مسلسل مستمر حتى الوقت الراهن نتيجة التواطؤ الدولي والأممي الذي سبق وأن وضعها في قائمة العار لقتلها وتشويهها أطفال اليمن واستهداف المساجد والمدارس والأسواق والجسور وكل ما يمر فوقها قبل أن يعمد على إخراجها تحت الضغط والتهديد بقطع المساعدات عن منظمة الأنروا.
وهكذا وبمنتهى الإسفاف لم تجد المملكة من حيلة أو وسيلة للضغط على الأمم المتحدة لتغيير قرارها إلا بقطع الأموال المخصصة للاجئين الفلسطينيين لتزيد من عزلته في محيطها العربي (الشعوب وليس الأنظمة)، ولتتحول كل أنشطتها وحملاتها الإنسانية إلى مجرد شعارات فضفاضة لا تُخفي قبح وجه نظامها المتعجرف والمجرم.

إغلاق القائمة